أثار غياب جماعي لأكثر من 300 نائب برلماني عن جلسة تشريعية عمومية بمجلس النواب، يوم الثلاثاء الماضي، ردود فعل قوية داخل المؤسسة التشريعية، ما دفع رئاسة المجلس إلى التحرك من أجل تفعيل آليات الرقابة والانضباط المنصوص عليها في النظام الداخلي.
وكشف مصدر مسؤول من داخل مجلس النواب أن “رئاسة المجلس أبدت استياءها الشديد من الحضور الضعيف خلال الجلسة الختامية”، مؤكداً أنه سيتم اتخاذ إجراءات جديدة لضبط الحضور، منها سدّ الثغرات التقنية المرتبطة بالكاميرات، والعودة إلى تلاوة أسماء المتغيبين بشكل علني.
وأوضح المصدر ذاته أن الدورة المقبلة “ستعرف مقاربة صارمة للتعامل مع ظاهرة الغياب، التي أصبحت مقلقة”، مشيراً إلى أن بداية جلسة الثلاثاء شهدت حضور 62 نائبا فقط من أصل 395، فيما ارتفع العدد إلى 112 نائبا في الجلسة المسائية، وهو ما اعتُبر مؤشراً سلبياً على تراجع الالتزام بالمهام التشريعية.
وفي مقابل هذه الانتقادات، عبّر علال العمراوي، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، عن تحفظه إزاء التعامل مع الغياب بشكل صارم، قائلاً: “لا يمكن التعامل مع نواب الأمة وكأنهم في ثكنة عسكرية”، معتبراً أن إثارة مسألة الغياب ليست دائماً مبررة، “خاصة وأن مؤسسات تشريعية في دول ديمقراطية مثل فرنسا تعرف حضور عدد محدود من النواب في بعض الجلسات دون أن تثير ذلك موجة انتقادات”.
ورغم ذلك، أكد العمراوي أن حضور النواب يُسهم في إغناء النقاش التشريعي، رافضاً تصنيف بعض القوانين على أنها “استراتيجية” دون غيرها، وأضاف: “نحن في الحزب نعتبر جميع القوانين المطروحة للنقاش مهمة، دون تمييز أو تراتبية”.
وأشار إلى أن البرلمان “يُجسد صورة مصغرة من المجتمع المغربي”، مبرزاً أن النجاح في أداء المهام الدستورية يُقاس بجودة المخرجات التشريعية، وليس فقط بعدد الحاضرين.
من جهته، شدد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، على ضرورة تطبيق مقتضيات النظام الداخلي بشكل صارم تجاه البرلمانيين المتغيبين بدون مبرر، موضحاً أن الالتزام بالحضور يُعد من صميم المسؤولية التمثيلية.
وأكد السنتيسي أن هذه الإشكالية ستُطرح مجدداً مع انطلاق الدورة التشريعية المقبلة في أكتوبر، بهدف تعزيز مصداقية المؤسسة البرلمانية ورفع منسوب الفعالية في أدائها.
كما أشار إلى أن هناك نقاشات متواصلة داخل فريق حزب الحركة الشعبية لضمان حضور منتسبيه لأشغال الجلسات العامة واجتماعات اللجان، مبرزاً أهمية ترسيخ الانضباط كممارسة دائمة تعكس جدية العمل البرلماني ومسؤوليته تجاه المواطنين.