كشفت مصادر مطلعة لـيقين24 أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أنهت تحقيقاتها في واحدة من أكثر القضايا تعقيداً التي هزت الأوساط البنكية والقضائية، والمتعلقة بالتلاعب في أموال بنك BMCI وتزوير أحكام قضائية للحصول على تعويض خيالي قدره ملياران سنتيم.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى سنة 2021، حين اكتشفت مواطنة بالصدفة أن أشخاصاً قد أقاموا دعوى قضائية باسمها أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء (ملف تجاري عدد 7418/8220/2017)، دون علمها أو تفويض منها، مطالبين البنك المذكور بتعويض مالي ضخم. وقد صدر بالفعل حكم ابتدائي مزور لصالحها، قضى على البنك بأداء مبلغ يقارب ملياري سنتيم، قبل أن يتم تأييده على مستوى الاستئناف، ثم في مرحلة النقض لإضفاء الطابع النهائي على الحكم المفبرك.
وبحسب المعطيات التي توصلت إليها المواطنة بعد بحثها في خيوط القضية، فإن المتورطين في هذا المخطط الإجرامي هم موظفون بالبنك، بينهم الممثل القانوني للمؤسسة وأحد المدراء الجهويين، الذي استعان بوالده للمشاركة في تنفيذ العملية. وقد تبين أن جميع وثائق الدعوى، بما في ذلك تصريح الضياع الخاص بسندي الصندوق ووثائق الحسابات البنكية، تم تزويرها بالكامل، وأن السندات موضوع الدعوى لا تخص المواطنة المشتكية إطلاقاً.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تشير الشكاية التي تتوفر يقين24 على نسخة منها إلى أن المتهمين استعانوا بمحاميين اثنين من هيئة الدار البيضاء: الأول لعب دور دفاع المواطنة دون علمها أو تكليف منها، والثاني دافع عن مصالح أحد مسؤولي البنك، بما يجعل النزاع يبدو حقيقياً أمام القضاء. كما أعد الجناة حساباً بنكياً خاصاً يسيطرون عليه، كان الهدف من ورائه استقبال المبلغ المحكوم به وتحويله لحساباتهم الشخصية.
المواطنة، فور علمها بما جرى، تقدمت بشكاية مفصلة إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في غشت 2021، تتهم فيها المعنيين بـ تكوين عصابة إجرامية، التزوير في محررات رسمية، استعمال وثائق مزورة، النصب، والمشاركة.
وقد أحيل الملف إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي باشرت تحرياتها الدقيقة واستمتعت إلى المشتكية، التي دعمت أقوالها بأدلة ووثائق تثبت التلاعب الذي طال المؤسسة البنكية من داخلها.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الشبكة لم تقتصر على موظفي البنك، بل شملت أيضاً ترجماناً محلفاً ومفوضاً قضائياً ساهموا في إضفاء الطابع القانوني الشكلي على الملف.
ومع أن التحقيقات انتهت منذ أشهر، فإن الملف ما يزال فوق مكتب وكيل الملك بالمحكمة الزجرية بالدار البيضاء في انتظار اتخاذ القرار القضائي المناسب، وسط ترقب كبير نظراً لحساسية القضية التي تكشف عن ثغرات خطيرة في منظومة المراقبة البنكية والقضائية، وتورط مسؤولين من داخل مؤسسة مالية كبرى في عملية احتيال غير مسبوقة.

