حليمة صومعي
خلف الأبواب المغلقة، اجتمع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بزعماء الأحزاب السياسية لمناقشة ملامح الاستحقاقات المقبلة، لكن ما خرج من ذلك اللقاء بدا وكأنه رسالة واضحة: لا تغيير يذكر في قواعد اللعبة. فالمطالب الحزبية برفع عدد مقاعد البرلمان أو إعادة النظر في التقسيم الانتخابي لم تجد صدى، كما أن مقترحات تتعلق بتمثيلية النساء ومغاربة الخارج، أو حتى إعادة بعث لائحة الشباب، لم تحظَ سوى بتعاطٍ بارد.
الأمل في إصلاح جذري كان يتبدد مع مرور الساعات. فدعوات توسيع حالات التنافي بين رئاسة الجماعات والعضوية في البرلمان جرى تحجيمها، وكأن المطلوب فقط هو الحفاظ على الحد الأدنى من الشكليات. أما فكرة التوقيع على “ميثاق شرف” يقطع مع الماضي ويرفض تزكية المفسدين، فقد سقطت قبل أن ترى النور، بعدما غلبت حسابات المقاعد على مطلب النزاهة.
المشهد بدا أكثر قتامة مع تأكيد غياب أي لوائح تمنع أصحاب السوابق أو المشتبه فيهم من الترشح، ليبقى الباب مشرعًا أمام عودة “الديناصورات الانتخابية” التي رسخت حضورها لعقود رغم ملفات الفساد الثقيلة التي تلاحقها. بل إن أحزابًا، بدل أن تبعد هذه الأسماء، تستعد لاحتضانها من جديد، خوفًا من انتقالها إلى منافسين سياسيين.
وهكذا، وبينما يقترب موعد 2026، يستمر حلم برلمان نظيف في التلاشي. المؤسسة التي يفترض أن تكون صوت المواطنين ما تزال مثقلة بوجوه متورطة في المال الأسود والصفقات المشبوهة، وبعضها يقضي اليوم عقوبات سالبة للحرية. لكن بدل أن يكون ذلك سببًا للتطهير، تتحول العملية الانتخابية إلى إعادة إنتاج للفساد بواجهة جديدة.
في النهاية، الديمقراطية كما تُمارس اليوم تبدو أقرب إلى عملية حسابية باردة، حيث تُقاس الشرعية بعدد الكراسي لا بميزان القيم والمبادئ. أما المواطن، الذي ينتظر مشهدًا سياسيًا نزيهًا، فلا يجد أمامه سوى إعادة تدوير نفس النخب التي أثقلت جسد الحياة العامة لسنوات طويلة.