بقلم/محمد فتاح
في زاوية من زوايا هذا الوطن، حيث يشيخ الحلم قبل الجسد، خرج البنك الدولي بتوصية تُشبه صفعة على وجه الزمن المغربي: رفع سن التقاعد إلى سبعين عامًا. وكأننا نُطالَب بأن نُطيل الوقوف في طابور الحياة، دون أن يُسأل أحد عن هشاشة الركبتين أو تعب القلب.
سبعون سنة؟
هل هي دعوة للاستمرار في العطاء؟ أم إصرار على استنزاف ما تبقى من نبض المواطن؟
في المدن المنسية، حيث العامل لا يعرف معنى “راحة”، وحيث الشيخوخة تبدأ من الأربعين، تبدو هذه التوصية كأنها نكتة سوداء في دفتر السياسات الاقتصادية.
البنك الدولي، في تقريره الأخير، لم يُخطئ في تشخيص الأزمة الديمغرافية. لكنه أخطأ في اقتراح العلاج. فالمغربي لا يُعاني من قِصر العمر، بل من قِصر الأمل. من نظام صحي لا يُواكب، ومن منظومة تقاعد تُشبه صندوقًا مثقوبًا. فهل نُطيل سنوات العمل لنُطيل عمر الأزمة؟
ثمّة سؤال فلسفي يفرض نفسه:
هل التقاعد حق أم امتياز؟
هل هو نهاية مشرفة لمسار الكدّ، أم مجرد رقم في معادلة مالية لا ترى الإنسان إلا ككلفة؟
في ابن أحمد، كما في مدن أخرى تُعاني من النسيان، لا يُمكن الحديث عن رفع سن التقاعد دون الحديث عن رفع جودة الحياة. عن الحق في الصحة، في الكرامة، في أن يُغادر الإنسان موقعه وهو واقف، لا مُنهار.
التوصية ليست مجرد رقم. إنها مرآة تعكس كيف يُنظر إلى المواطن: كآلة إنتاج لا تتوقف إلا حين تتعطل.
لكننا لسنا آلات. نحن بشر، نُريد أن نُغادر المسرح في الوقت المناسب، لا حين يُطفأ النور.