يقين 24/ حليمة صومعي
في خطوة حازمة لتكريس مبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، قرر عامل إقليم زاكورة إحالة رئيس جماعة ترناتة، مصطفى ثابت، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونائبه الثاني إبراهيم أبو إبراهيم، عن حزب الحركة الشعبية، على أنظار المحكمة الإدارية بمراكش من أجل عزلهما من مهامهما، بعد رصد اختلالات تدبيرية وصفت بـ“الخطيرة”.
وجاء القرار، وفق مصادر مطلعة، استنادا إلى تقرير مفصل أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، كشف عن تجاوزات مرتبطة بسوء تدبير واستغلال الموارد المائية العمومية داخل الجماعة، ما دفع العامل إلى توقيف المعنيين بالأمر مؤقتا إلى حين صدور الحكم النهائي من القضاء الإداري، مع تكليف النائب الأول بتدبير الشؤون الجارية للجماعة.
وأكدت المصادر أن هذه الخطوة تندرج في إطار تفعيل آليات الرقابة الإدارية التي تخولها القوانين التنظيمية للعمال، قصد ضمان احترام مبادئ الشفافية والحكامة في تدبير الشأن المحلي، وحماية المرفق العمومي من أي انحرافات أو استغلال شخصي.
وكانت المحكمة الابتدائية بزاكورة قد أدانت في وقت سابق رئيس الجماعة بأربعة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 2000 درهم، بعد متابعته بتهم تتعلق بـ“اختلاس موارد مائية عمومية” و“تحويل مياه بدون ترخيص” و“تعييب منشآت مائية”، بناء على محاضر ميدانية أنجزتها لجان تابعة لوزارة الداخلية والمكتب الوطني للماء والكهرباء.
وأثبتت التحريات أن المتهم استغل شبكة الماء الصالح للشرب الموجهة لساكنة ترناتة لتحويل جزء منها نحو ضيعات فلاحية خاصة به وببعض المقربين، في وقت تعرف فيه المنطقة أزمة عطش متفاقمة نتيجة تراجع الموارد المائية واستمرار الجفاف لسنوات متتالية.
وقد خلّف القرار الإداري صدى واسعا في الأوساط المحلية والحقوقية، التي رأت فيه رسالة واضحة من وزارة الداخلية في مواجهة الفساد وسوء التدبير، مؤكدة أن “استمرار مسؤولين متابعين قضائيا في تسيير الشأن العام يضرب في العمق مصداقية المؤسسات المنتخبة”.
ويُرتقب أن تبت المحكمة الإدارية بمراكش خلال الأيام المقبلة في ملف العزل، استنادا إلى المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14، التي تخول للعامل إحالة أي عضو من الجماعة على القضاء في حالة ارتكابه أفعالا مخالفة للقانون تضر بالمرفق العمومي أو بالمصلحة العامة.
بهذه الخطوة، تكون السلطات الإقليمية بزاكورة قد وضعت لبنة جديدة في مسار ترسيخ ثقافة المحاسبة وحماية المال العام، في وقت تتجه فيه الدولة إلى تشديد الرقابة على تدبير الشأن المحلي وضمان شفافية المرفق الجماعي.

