حليمة صومعي
شهدت جهة سوس ماسة خلال الأسابيع الأخيرة حالة غليان غير مسبوقة بسبب الأوضاع المزرية التي يعيشها مستشفى الحسن الثاني بأكادير، حيث لم تتوقف موجات الاحتجاجات المنددة بتردي الخدمات الصحية. وفي خضم هذا الاحتقان، أقدمت وزارة الصحة على إعفاء المديرة الجهوية، لمياء شاكيري، في خطوة حاولت حكومة عزيز أخنوش تسويقها كاستجابة لمطالب الشارع، غير أن أصواتاً متزايدة اعتبرت القرار مجرد “ترقيع سياسي” لا يمس جوهر الأزمة.
ورغم أن الحكومة حاولت تقديم القرار على أنه تفاعل سريع مع غضب المواطنين، إلا أن متابعين يرون أن الأمر أقرب إلى اعتراف ضمني بفشل التدبير الحزبي للقطاع الصحي. فشاكيري، التي سبق أن وُجهت لها انتقادات عديدة في تيزنيت ومراكش، لم تكن مجرد إطار إداري عادي، بل قيادية في حزب التجمع الوطني للأحرار وعضو بمجلس جهة مراكش آسفي، ما يثير علامات استفهام حول منطق تعيينها المتكرر في مناصب حساسة رغم محدودية حصيلتها.
الاحتجاجات الأخيرة أمام مستشفى الحسن الثاني بأكادير، التي رُفعت خلالها شعارات غاضبة ضد “الاستهتار بأرواح المرضى”، شكّلت لحظة فارقة دفعت وزير الصحة أمين التهراوي إلى التدخل، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي. غير أن كثيرين اعتبروا الإعفاء مجرد “كبش فداء”، خاصة أن شاكيري سبق أن أُعفيت من منصبها بمراكش في عهد الوزير السابق خالد آيت الطالب، لتعود بعدها إلى موقع أكثر نفوذاً، في دلالة واضحة على أن الولاء الحزبي كان أسبق من معيار الكفاءة.
مصادر متطابقة كشفت أن جمعيات حقوقية وتنسيقيات شبابية تعتزم نشر لوائح بأسماء محسوبة على حزب الأحرار حصلت على مناصب عليا وإدارية دون المرور عبر آليات التباري والاستحقاق، ما يكرس منطق “الريع الإداري” ويضرب في عمق مبدأ تكافؤ الفرص. وتشمل هذه التعيينات مناصب حساسة مثل كتاب عامين للوزارات، مدراء مديريات مركزية ومؤسسات عمومية كبرى، في وقت يواجه آلاف الشباب البطالة والإقصاء من فرص الشغل.
ويرى خبراء أن هذا النمط من التوظيف الحزبي يضعف جودة الخدمات العمومية ويعمّق أزمات البطالة وتراجع القدرة الشرائية، كما يضر بصورة المغرب في تقارير التنافسية الدولية. وهو ما يفسّر تزايد الانتقادات لسياسات حكومة أخنوش التي تُتهم بالانشغال بالمصالح الحزبية على حساب المصلحة العامة.
ومع تصاعد موجة الغضب الشعبي وتنامي المطالب بوقف الزبونية والمحسوبية في التعيينات، يبقى السؤال الجوهري: هل ستتجه حكومة أخنوش إلى تصحيح مسارها وإقرار منطق الكفاءة والاستحقاق، أم أن الولاء الحزبي سيظل هو البوابة الأولى نحو المناصب العليا؟