حليمة صومعي
تشهد الكواليس السياسية في الرباط خلال الأسابيع الأخيرة حركة غير عادية، بعدما تسربت أنباء عن مشروع لتأسيس حزب سياسي جديد، يُرتقب أن يعيد خلط أوراق المشهد الحزبي بالمغرب. وتأتي هذه الخطوة في سياق أزمة ثقة متفاقمة في الأحزاب القائمة، سواء من داخل الحكومة أو من صفوف المعارضة.
مصادر متطابقة أكدت أن مشاورات هادئة تُجرى بعيدًا عن الأضواء، بمشاركة شخصيات وازنة سبق أن شغلت مواقع متقدمة في أحزاب كبرى، بعضها انسحب من الواجهة منذ سنوات، فيما يسعى بعضها الآخر إلى بداية جديدة بعد خلافات أو انسداد سياسي داخل تنظيماته الأصلية.
من بين الأسماء التي يجري تداولها في هذا السياق، يبرز الأمين العام الأسبق لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، الذي غاب عن الساحة لفترة طويلة، إلى جانب خلفه السابق حكيم بنشماش، إضافة إلى إدريس السنتيسي، أحد أبرز برلمانيي الحركة الشعبية، ومحمد الفاضيلي، الذي راكم تجربة طويلة داخل الحزب نفسه قبل أن يغادره.
ويُتوقع أن يقوم الحزب المرتقب على مزيج من “الوجوه المجرّبة” التي راكمت خبرة في تدبير الشأن العام، وأخرى تبحث عن فضاء سياسي جديد يمنحها أفقًا أوسع للحضور والتأثير، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
ويرى مراقبون أن بروز تشكيل حزبي جديد في هذه المرحلة يعكس حالة عطش سياسي ورغبة في ملء فراغ خلّفته أحزاب لم تعد قادرة على استعادة ثقة الشارع، سواء بسبب الأداء الحكومي الذي يثير موجات متتالية من الاحتجاجات الاجتماعية، أو بسبب معارضة وُصفت مرارًا بأنها باهتة.
كما يُرجّح أن يكون الهدف من المشروع هو إعادة تدوير نخبة سياسية فقدت وزنها داخل أطرها السابقة، ومحاولة صياغة توازنات جديدة استعدادًا للانتخابات التشريعية المقبلة (2026-2027)، في ظل توقعات بحدوث تغييرات على مستوى التحالفات والتموقعات الحزبية.
ورغم أن لا شيء حُسم رسميًا بعد، إلا أن المؤشرات تفيد بوجود قنوات تواصل مفتوحة مع جهات سياسية وإدارية لتأمين “مظلة” قوية لهذا الكيان الحزبي، بما يضمن له دورًا وازنًا على المدى المتوسط.
في المحصلة، يبقى السؤال المطروح: هل سيكون هذا الحزب مجرد إعادة تدوير لوجوه سابقة فقدت بريقها، أم تجربة سياسية قادرة فعلًا على إقناع الشارع وإعادة الثقة في العمل الحزبي؟