علمت يقين24 من مصادر مطلعة أن المفتشية العامة للإدارة الترابية تستعد لإيفاد لجان مركزية إلى عدد من الجماعات الترابية بجهتي الدار البيضاء–سطات ومراكش–آسفي، وذلك في إطار تحقيقات شاملة بشأن شبهات تدبير غير شفاف لصفقات تتعلق بمكاتب دراسات تقنية.
ووفقًا للمصادر نفسها، فإن هذه الخطوة جاءت بعد أن امتنعت المديرية العامة للجماعات الترابية عن التأشير على صفقات جديدة في هذا الإطار، استنادًا إلى تقارير محينة كشفت عن تجاوزات واضحة تمثلت في غياب معايير موضوعية لتقييم العروض، التأخر في إنجاز الدراسات، وتكرار الدراسات نفسها بشكل عبثي دون أدنى تنسيق أو تخطيط.
كما سلطت هذه التقارير الضوء على إشكالات تتعلق بالشق المالي، منها اعتماد تقديرات مالية غير مبررة، ودفاتر تحملات لا تُحدّد بشكل واضح عتبة القبول، ما يفتح الباب أمام اختيارات غير عقلانية للعروض. وتم تسجيل حالات عدم احترام آجال الإنجاز، وغياب تحديد دقيق لمخرجات الدراسات المطلوبة، مما يُصعّب تقييم مدى جودتها أو توافقها مع حاجيات الجماعات الترابية.
وأوضحت مصادر يقين24 أن هذه الاختلالات لم تقتصر على الجانب الإداري، بل تسببت في تعطيل مشاريع ميدانية وتفجّر نزاعات قضائية بين جماعات وشركات فائزة بصفقات أثارت الجدل. وقد أشار التقرير إلى هيمنة عدد محدود من مكاتب الدراسات على السوق المحلي، مستغلّين ضعف الموارد البشرية داخل الجماعات، رغم افتقارهم للخبرات والتخصصات التقنية اللازمة.
وتُرجّح المصادر أن إدراج مهام متشابكة، منها إعداد وتحرير طلبات العروض ضمن صفقات متعددة المهام، ساهم في تعزيز شبهات تبادل المصالح بين رؤساء جماعات – سواء حاليين أو سابقين – ومكاتب دراسات تربطهم بها علاقات قديمة.
يُذكر أن رئيس الحكومة سبق أن وجّه منشورًا صارمًا إلى مختلف الوزارات والإدارات يدعو فيه إلى ضرورة إخضاع طلبات العروض المتعلقة بالدراسات لترخيص مسبق، وتفضيل اللجوء إلى خبرات وأطر الإدارات العمومية، بدل إطلاق عروض مكلفة لا تتماشى مع التوجيهات الخاصة بترشيد النفقات.
وأشارت التقارير الحديثة، حسب ما توصلت إليه يقين24، إلى أن بعض الجماعات قامت بإرسال الدراسات نفسها إلى جهات متعددة، ما أدى في حالات معينة إلى شروع أطراف مختلفة في تنفيذ المشروع ذاته دون أي تنسيق، الأمر الذي ينعكس سلبًا على انسجام وتكامل البرامج التنموية عند التنفيذ.