هشام بوزياني
أثارت صورة حديثة يظهر فيها برلماني استقلالي إلى جانب عرشان الأكبر وعرشان الأصغر موجة من الغضب في أوساط مناضلي حزب الاستقلال وفعاليات المجتمع المحلي بمدينة تيفلت. هذا البرلماني، الذي كان طالبًا في التسعينات وشارك آنذاك إلى جانب الشبيبة الاستقلالية في معارك سياسية واحتجاجية منسقة مع الشبيبتين التقدمية والاتحادية من أجل التغيير، وجد نفسه اليوم في موقف يُنظر إليه من طرف العديدين كخيانة رمزية لذاك التاريخ النضالي المشترك.
الرجل لم يُعتقل يومًا، لكنه كان حاضرًا وشاهدًا على لحظات العنف الذي طال عددًا من المناضلين، وشاهدًا على تزوير الانتخابات واحتقار الإرادة الشعبية، وكان متعاطفًا مع مناضلين كُثر تم اعتقالهم في تلك الفترة. اليوم، وبعد أن أصبح برلمانيًا وراكم ثروة مكّنته من شراء ضيعة فلاحية قرب تيفلت، يبدو أن بوصلته السياسية قد انحرفت، أو على الأقل هذا ما يراه رفاق الأمس الذين عبّروا عن صدمتهم من حضوره لنشاط إلى جانب آل عرشان.
الصورة تحوّلت إلى مادة إعلامية دسمة استغلها أتباع عرشان لترويج عودة قوية لنفوذهم السياسي في تيفلت، في وقت يمر فيه حزب الاستقلال محليًا من مرحلة حرجة. التساؤلات التي طرحتها هذه الواقعة كثيرة: بأي صفة حضر البرلماني اللقاء؟ هل كان يمثل الحزب؟ هل استُشيرت اللجنة التنفيذية قبل حضوره؟ وهل يمكن للمناضلين أن يثقوا بمن تصافح اليوم مع خصوم الأمس؟
الغاضبون من تصرفه اعتبروا أن ما وقع لا يمس فقط صورته الشخصية، بل يضرب في العمق مصداقية حزب الاستقلال محليًا وجهويًا، معتبرين أن الانتماء الحزبي لم يعد ذا طابع وطني كما كان في السابق، بل أصبح مجرد انتماء وظيفي، مؤقت، ومصلحي. بل ذهب البعض إلى حد التهديد بدعم خصومه في مدينة سلا في الانتخابات المقبلة، كرد فعل رمزي ضد ما وصفوه بـ”الميوعة السياسية”.
الاشكال لا يقف عند الصورة فقط، بل فيما يمكن أن تجرّه من تبعات على استحقاقات قادمة، خاصة إذا تم تكليف هذا البرلماني برئاسة مهرجان خطابي أو نشاط حزبي رسمي. فكيف سيتحدث أمام مناضلين يعرفون تاريخه؟ كيف سيواجه الأسئلة الحرجة حول تحالفاته الجديدة؟ وهل سيتجرأ على الحضور بعد هذا التناقض الواضح بين ماضيه ومواقفه الراهنة؟
الذاكرة السياسية لا تموت، والمناضلون لا ينسون بسهولة. قد تُلتقط صورة في لحظة، لكنها قد تكشف عن اختيارات تمتد لسنوات، وتفضح مواقف تباع وتشترى عند مفترق المصالح.