أمر قاضي التحقيق بالغرفة الأولى المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، يوم الجمعة الماضي، بإيداع مديرين سابقين بشركة التنمية المحلية «مرافق بركان» ومقاول السجن المحلي «بوركايز» بمولاي يعقوب، مع متابعة أربعة متهمين آخرين في حالة سراح، على خلفية اختلالات مالية وإدارية خطيرة هزت الشركة التي تدبر مرافق عمومية بتفويض من الجماعات الترابية لإقليم بركان.
التحقيقات، التي انطلقت بناء على شكاية رسمية من الشركة نفسها، كشفت عن تهم ثقيلة للموقوفين تشمل اختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير في محررات رسمية واستعمالها، بعد أن غادر المدير العام السابق رشيد المرابط منصبه سنة 2022 دون تقديم الحسابات أو إرجاع الوثائق المحاسباتية والمعدات الإلكترونية الخاصة بالشركة، فيما استقال المدير الثاني قصري بوعياد سنة 2023 في ظرفية دقيقة دون تسليم ما بعهدته من وثائق وأموال منقولة.
تقرير خبير الحسابات المرفق بالملف كشف عن عجز مالي يقارب 600 مليون سنتيم في رأسمال الشركة وخسائر بلغت نحو مليار و100 مليون سنتيم إلى غاية يوليوز 2022، مع تسجيل غياب شبه كلي للحكامة الرشيدة وانحرافات في تطبيق القانون. التقرير رصد كذلك صرف مبالغ ضخمة لمشاريع مثل بناء دار الشباب بميزانية 700 مليون سنتيم وإعادة تأهيل المطرح السابق «الزلاقة» بميزانية 1,3 مليار سنتيم دون تقديم أي تقارير تثبت سلامة صرف هذه الأموال.
المجلس الإداري للشركة سجّل أيضاً وجود فواتير مشبوهة وأصول وهمية، بينها أثاث مكتب بقيمة 35 ألف درهم تبين أنه غير حقيقي، ومصاريف مشبوهة لكراء سيارات تجاوزت 3,8 ملايين درهم خلال سنتي 2021 و2022، إلى جانب فاتورة مثيرة لشركة كراء سيارات بمبلغ 2400 درهم عن ثلاث ساعات فقط، ونفقات فندقية وصلت إلى 125 ألف درهم لفائدة أشخاص غير مرتبطين بالشركة. كما تم تسجيل منح امتيازات مالية لأقارب أحد المديرين، واختفاء أربع دراجات ثلاثية العجلات، ومنح علاوات بمبلغ 125 مليون سنتيم لـ21 مستخدماً في الوقت الذي كانت الشركة تعاني من خسارة صافية ناهزت 5 ملايين درهم.
هذه المعطيات الخطيرة وضعت الشركة على حافة أزمة حقيقية تهدد استمرارها، وأعادت إلى الواجهة النقاش حول آليات المراقبة والمساءلة في تدبير شركات التنمية المحلية، باعتبارها تدير أموالاً عمومية وتخضع لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.