حطاب الساعيد
رغم الخطاب الرسمي الذي يربط التنمية بالعدالة المجالية وتقريب الإدارة من المواطن ،ما تزال العديد من الجماعات القروية بإقليم خنيفرة على وقع معاناة مستمرة مع أعوان السلطة المحلية، خاصة فيما يتعلق بالحصول على الشواهد الإدارية، مثل شواهد السكنى…،أو وثيقة تسجيل طفل في المدرسة أو للاستفادة من دعم اجتماعي أو وغيرها من الوثائق البسيطة الضرورية التي تهم شؤون المواطنين اليومية. ويشتكي سكان القرى لهذا الإقليم من تأخر كبير في إنجاز هذه الوثائق، مما يتسبب في تعقيد حياتهم وتعطيل مصالحهم، خاصة في ظل تجاهل عدد من أعوان السلطة لاحترام التوقيت الإداري المنصوص عليه في قانون الوظيفة العمومية.
حيث إذا عدنا الى المرسوم رقم 2.05.916 بتاريخ 13 من جمادى الأولى 1426 (20 يونيو 2005) المتعلق بتحديد مواقيت العمل بإدارات الدولة نجده واضح وضوح الشمس في هذا الامر، حيث نص ان “التوقيت الإداري يبدأ من 8:30 صباحاً إلى 4:30 مساءً مع استراحة مدتها ساعة واحدة في منتصف اليوم (غالبًا من 12:30 إلى 13:30)، حسب ما تحدده كل إدارة. لكن في الواقع، وفي جماعات قروية عديدة كالتابعة لاقليم خنيفرة يُلاحظ غياب شبه دائم لأعوان السلطة عن مكاتبهم، أو تأخرهم في مباشرة أعمالهم، أو اختزال أوقات العمل في نصف يوم فقط أو
في يوم السوق الأسبوعي، حيث يحضرون إلى مكاتبهم استثناءً، ويُسلمون الشواهد الإدارية بشكل جماعي، وكأن الأمر خدمة تطوعية، لا حقًا إداريًا مضمونًا.
الأمر الذي يجعل المواطنين يضطرون للعودة عدة مرات أو الانتظار لساعات طويلة، في ظروف مناخية واجتماعية صعبة، خصوصاً بالنسبة للنساء وكبار السن الذين لا يملكون وسائل نقل خاصة.
هذا السلوك لا يتسبب فقط في تعطيل المصالح، بل يدفع بعض المواطنين للجوء إلى الوساطة أو المحسوبية، في غياب مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام الإدارة.
ولعل الحل الجذري لهذه الفجوة يكمن في دمقرطة الإدارة القروية، من خلال إصلاح بنيوي يضمن كفاءة الأطر، واحترام القوانين، وخدمة المواطن لا تعطيله.
لأن حق المواطن في الوصول إلى خدمة عمومية سريعة ومحترمة ليس امتيازاً، بل واجب دستوري تتحمل الدولة مسؤولية ضمانه. وما لم يتم إصلاح الإدارة القروية من جذورها، من خلال تكوين أعوان السلطة، وضبط توقيتهم،ومحاسبة المتهاونين، فإن معاناة القرويين ستستمر، وسيبقى ملف “الشواهد الإدارية” عنواناً للبيروقراطية والعجز الإداري في أبسط تجلياته.