حليمة صومعي
قبل أن يصدر أي حكم قضائي أو قرار إداري بعزل رئيس جماعة بني ملال، انطلقت في الخفاء معركة شرسة على كرسي الرئاسة، وكأن الجماعة غنيمة يتقاسمها الطامعون. مشهد يعكس جشعاً سياسياً يتغذى على المناورة والانتهازية، بينما يغيب صوت المواطن عن المعادلة.
أحد أبرز الملفات التي فجّرت الجدل مؤخراً هو ملف “الرخص الفردية” الممنوعة قانوناً، والذي كان سبباً في إيفاد لجنة تفتيش من وزارة الداخلية. لكن في قضية العمارة المكونة من ستة طوابق، التي كانت في صلب هذه الزوبعة، يتضح أن الترخيص لم يكن بقرار منفرد من الرئيس، بل وقّعت عليه الوكالة الحضرية، وصادقت عليه ولاية الجهة، والمجلس الجماعي، وحتى وزارة الداخلية نفسها، وهو ما يفسر طبيعة “الفردية” في التسمية.
أما مشروع تهيئة شارع محمد السادس، فهو ملف منفصل، عرف تعديلات متكررة على التصاميم، إضافة إلى إكراهات تقنية أثناء التنفيذ، ما جعله محط نقاش وانتقادات بشأن كلفته النهائية ومراحله.
في المقابل، لا تزال المتابعات القضائية تلاحق عدداً من المسؤولين بتهم ثقيلة تتعلق بتبديد أموال عمومية، التزوير، واستغلال النفوذ، من بينهم الرئيس السابق للجماعة اللذي يقضي حالياً عقوبة حبس نافذ، فضلاً عن متابعة الرئيس الحالي في حالة سراح مع سحب جواز سفره وإخضاعه للمراقبة القضائية رفقة عدد من المنتخبين و موظفي المجلس الجماعي .
وفي الوقت الذي تتخبط فيه القرى المجاورة في أزمات متكررة من انقطاعات الماء والكهرباء، وغياب البنية التحتية، وطرق محفرة، ينشغل المشهد السياسي بمعارك الكواليس لتقاسم النفوذ والمصالح.
إن بني ملال اليوم أمام مفترق طرق حاسم: إما أن تنتصر إرادة الإصلاح والمحاسبة، أو تبقى رهينة لعبة المصالح التي لا ترى في السلطة سوى غنيمة، بينما ينتظر المواطن تغييراً يضع كرامته وحقوقه في الصدارة.