محمد امرابط
من أوهم الرئيس الجديد بأن الجامعة كانت تعيش في “السيبة”، فقد ضلّله وأسقطه في أول اختبار. لقد أخطأ التقدير، وأساء الفهم، لأن هذه المؤسسة لم تُبنَ بالهدم ولا بالضجيج، بل بعرق الأساتذة، وصدق الموظفين.
أما النقابة، فقد أثبتت، رغم كل شيء، أنها قلعة من قلاع الشرف والنزاهة.
بقي رجالها على العهد، لم يساوموا، ولم يهادنوا، وظلوا صامدين صارمين في الدفاع عن حقوق الموظفين، مهما تغيّر الرئيس أو تبدّلت الظروف.
كل أعضاء النقابة لم يتخلّوا عن مواقفهم، ولم يقلبوا فيستهم، بل وقفوا صفًا واحدًا، صامدين كالصخرة.
الفرق شاسع… بين من خدم بصمتٍ وترك الأثر، ومن أحدث الضجيج ولم يُنجز سوى التصاوير والسهرات والسيناريوهات الفارغة.
الميداوي لم يكن مجرد رئيس… بل كان رجل دولة، رجل ميدان، جعل من الجامعة نموذجاً يُحتذى به.
أما اليوم، فقد انقلب المشهد: من جامعة يُشاد بها، إلى جامعة يُتاجر بها في الخطابات والشعارات.
تحية تقدير لوزير التعليم العالي، السيد الميداوي، الذي ترك أثراً لا يُمحى… والحق لا يُطمس مهما كثر الغبار.
وإلى عمداء الكليات الشرفاء:
لم تبدّلوا وجوهكم، ولم تخونوا ضمائركم… وثبتم، بصمت، وبكرامة. أنتم الركن الثابت حين اهتزّت المواقف.
وإلى الموظفين الأوفياء داخل الجامعة:
لا تركنوا للتيار، ولا تكونوا تابعين. ابقوا كما عهدناكم، نزهاء… لا تُغيّركم المناصب ولا الوجوه العابرة.
فالجامعات لا تُبنى بالخضوع… بل تُبنى بالنزاهة والضمير.
أما أولئك الذين خانوا العهد، من موظفين أو غيرهم، فالتاريخ لا يرحم، والذاكرة لا تمحو.
من يبيع كرامته اليوم، لا يُؤتمن على موقعٍ غداً.
الخيانة تبدأ بالصمت… وتنتهي بالسقوط.