كشفت وثائق حصرية عن عملية مثيرة للجدل تتعلق بتفويت عقار عمومي بمدينة إنزكان، كان مخصصًا لبناء مؤسسة تعليمية، قبل أن يتحول إلى مركز تجاري ضخم عبر سلسلة من المعاملات التي تثير شبهات تضارب المصالح واستغلال النفوذ.
العقار موضوع القضية تصل مساحته إلى 4671 مترًا مربعًا، وكان في ملك الدولة قبل أن يُفوت لشركة “العمران سوس ماسة” بمبلغ 23 مليون سنتيم. وفي نهاية سنة 2017، قامت هذه الأخيرة ببيعه لشركة عقارية بثمن 234 مليون سنتيم فقط، رغم موقعه الاستراتيجي وقيمته المفترضة داخل نسيج حضري مكتظ كمدينة إنزكان.
بعد مرور خمس سنوات، وتحديدًا في 24 مارس 2023، انتقلت ملكية العقار مجددًا إلى شركة عقارية حديثة التأسيس (2022)، وذلك بمبلغ بلغ مليارًا و400 مليون سنتيم، أي ما يعادل ستة أضعاف السعر السابق، دون أن تعرف الأرض أي أشغال تجهيز أو استثمار يبرر هذه القفزة الصاروخية في القيمة.
الوثائق تكشف أن المالكين الرئيسيين للشركة الجديدة هما زوجة منعش عقاري كان طرفًا في الصفقة الأولى سنة 2017، وزوجة مسؤول نافذ بوزارة الداخلية. هذا المعطى يثير شبهات تضارب المصالح، خصوصًا أن هذا المسؤول يمارس سلطة الرقابة على الجماعات الترابية وملفات التعمير.
ويشير المسار الزمني للصفقة إلى أن تغيير تخصيص العقار في تصميم التهيئة (من مؤسسة تعليمية إلى مشروع تجاري) تم بشكل غير واضح، دون المرور عبر المسطرة القانونية المعهودة التي تقتضي بحثًا علنيًا ومصادقات رسمية، قبل أن تُمنح للشركة الجديدة رخصة بناء مشروع ضخم يشمل مركزًا تجاريًا وتجزئة طبية ومركز أعمال من خمسة طوابق، وفي وقت قياسي لا يتجاوز شهرين من عملية الشراء الثانية.
هذه المعطيات تضع الملف في قلب فضيحة عمرانية ـ عقارية تمس نزاهة تدبير الشأن العمومي، حيث تحوّل وعاء كان مخصصًا للتعليم إلى مشروع تجاري بملايير الدراهم، في الوقت الذي تعاني فيه مدينة إنزكان خصاصًا في المؤسسات التعليمية.
المصدر: جريدة الأخبار